يقترب منك الليل ويلتهم الظلام , ما تبقى من ملامح النهار , بينما ترتفع أصوات الموسيقى , وتزين المصابيح الملونة الحدائق العامة , البارات والأزقة الضيقة . ثم يتلاشى ظل المارة وتختفي أصواتهم ويتحول المكان إلى رصيف قاحل , لا تزال تراوح مكانك , تبحث عن شجرة كبيرة , لغرض التبول , تشعل ناراً من الأوراق التي جمعتها من القمامة , تقاوم البرد , لكن هذا الدفء لن يستمر, تمسك عربتك وقبل أن تفكر بالانصراف , تسمع صوتاً يناديك من الخلف ,أنه تاجر داهمه الليل هو الآخر .
التاجر : أيها الحمال قف مكانك , هل بإمكانك إيصالي إلى نهاية الشارع ؟
الحمال : نعم , لكن هذه البضاعة ثقيلة الوزن , كيف سأستطيع حملها ؟
التاجر يقهقه ثم يضربه على قفاه :
هيا , لا وقت لدي , أنت جرب فقط ,ستكون في المستقبل حمالاً جيداً.
سار الحمال والتاجر يراقبه , تصفع وجهه الرياح الباردة , تتساقط دموعه كالمطر , يتوقف قليلاً , يخرج من جيبه منديلاً يمسح عينيه , يصرخ به التاجر .
: لمَ توقفت أيها الأبله , ألم أقل لك , لا وقت لدي .
الحمال : لا شيء , تذكرت موت أبي .
التاجر : كلنا سنموت , أما بالحمى أو بالكوليرا , لا تحزن هكذا هي الحياة .
الحمال : لقد ذهب للحرب ولم يعد إلينا كاملاً , ومنذ ذلك الحين وأنا أصنع له رأساً من طين , أضعه بجوار قبره , كلما زرته , لعله يعود إلينا سالماً من جديد .
التاجر : أنتم الفقراء تتوارثون البؤس , خذ هذا ألف دينار وأنزل البضاعة هنا .
الحمال : هذا المبلغ قليل جداً يا سيدي , الأجرة خمسة آلاف , أخوتي جياع وأمي مرهقة , وهذا الألف لا استطيع أن أشتري به خبزاً .
التاجر : كم أنتم مزعجون , لا فرق بينكم وبين الحيوانات المفترسة , خذ ثلاثة آلاف وأنصرف , لا أريد أن أراك مجدداً .
ومنذ ذلك الحين وأنا أتذكر هذا المكان جيداً , لقد مضى ثلاثون عاماً على تلك الحادثة , فعلا حين يموت الضمير, تكون حياة الغابة والحيوانات أرحم بكثير من تلك الإنسانية المزيفة .
****
طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:
: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
instagram: journalelfaycal
ـ أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com
آخر تعديل على الأربعاء, 14 تشرين2/نوفمبر 2018